شهد قطاع النقل الجوي نقلة نوعية بتحقيق شركة جوبي للطيران ( Joby Aviation ) إنجازاً غير مسبوق، تمثل في إتمام رحلة تجريبية ناجحة لمسافة 523 ميلاً ( 841 كيلومتر ) بإستخدام طائرة أجرة هيدروجينية كهربائية. أجريت هذه الرحلة التجريبية في منشأة الشركة بمارينا بولاية كاليفورنيا الأمريكية في اليوم 24 يونيو 2024، وقد إعتمدت على الهيدروجين السائل كوقود، ولم تنتج عنها أي إنبعاثات سوى الماء.
يؤمن جو بن بيفرت، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة Joby Aviation، بإمكانية تغيير مستقبل السفر الجوي في الولايات المتحدة. فهو يتصور مستقبلاً يمكن فيه للأمريكيين التنقل بين المدن الكبرى مثل سان فرانسيسكو وسان دييغو، أو بوسطن وبالتيمور، أو ناشفيل ونيو أورلينز دون الحاجة إلى المطارات التقليدية. وتتميز طائرات الإقلاع والهبوط العمودية الكهربائية (eVTOL) التي تعمل بالهيدروجين بإنخفاض مستوى الضوضاء وعدم إنتاجها أي إنبعاثات ضارة سوى الماء.
لإجراء هذه الرحلة التجريبية، قامت جوبي بتحويل نموذج أولي لطائرة تعمل بالبطارية إلى طائرة تعمل بالهيدروجين السائل، حيث تم تزويدها بخزان وقود ونظام خلايا وقود مخصص للهيدروجين. وتهدف الشركة إلى بدء عملياتها التجارية بحلول العام 2025، بإستخدام طائرات الأجرة الكهربائية التي تعمل بالبطاريات في البداية، ثم الإنتقال إلى إستخدام الطائرات التي تعمل بالهيدروجين في المرحلة التالية.

تعتمد طائرة الأجرة الهيدروجينية الكهربائية على ست وحدات دفع كهربائية لتشغيل مراوحها القابلة للإمالة وشحن نظام التحكم في الطيران. وفي حين أن البطاريات توفر الطاقة الإضافية للإقلاع والهبوط، إلا أن الهيدروجين السائل كان مصدر الطاقة الرئيسي للطائرة خلال معظم الرحلة.
يعتبر الهيدروجين السائل، الذي يتميز بكثافة طاقة تفوق كثافة البنزين بثلاثة أضعاف، خياراً مثالياً للتطبيقات التي تتطلب وزناً خفيفاً مثل الطائرات. وقد تم تزويد طائرة جوبي بخزان معزول يمكنه تخزين ما يصل إلى 40 كيلوجراماً من الهيدروجين، وهو مصمم للحفاظ على الهيدروجين عند درجة حرارة تقارب -252.78 درجة مئوية.
خلال الرحلة، قام نظام خلايا الوقود H2F-175، الذي طورته شركة H2FLY التابعة لجوبي للطيران، بتحويل الهيدروجين إلى كهرباء عن طريق دمجه مع الأكسجين من الهواء، مما أدى إلى إنتاج الماء والحرارة. وقد إستخدمت هذه الكهرباء لتشغيل محركات الطائرة وإعادة شحن بطارياتها.
تعتزم جوبي للطيران الاستفادة من أعمال التصميم والاختبار والاعتماد التي أجريت على طائراتها الكهربائية التي تعمل بالبطاريات لتطوير الطائرات التي تعمل بالهيدروجين. كما تتوقع الشركة إستخدام نفس منصات الهبوط وفريق العمليات وبرنامج ElevateOS لكلا النوعين من الطائرات، بهدف إطلاق رحلات تجارية في العام 2025.
ختاماً، يمثل نجاح جوبي للطيران في إتمام هذه الرحلة التجريبية خطوة هامة نحو مستقبل أكثر استدامة للنقل الجوي. ومن المتوقع أن تساهم هذه التقنية الجديدة في تقليل الانبعاثات الضارة وتحسين كفاءة الطيران، مما يمهد الطريق لثورة في عالم النقل الجوي.