الويب 3 ( Web 3.0 ) هي الكلمة الطنانة الأحدث في قطاع التكنولوجيا، فهي لا تحظى بإهتمام المجتمع التقني فحسب، وإنما يتم إستثمار أموال ضخمة على هذه التكنولوجيا. لذلك، إذا وجدت نفسك تتساءل عما يعنيه ذلك، فأنت لست الوحيد.
على العموم، يُنظر إلى الويب ثري على أنه الجيل الثالث من شبكة الإنترنت، وهو نظام لا مركزي عبر الإنترنت يعتمد على تكنولوجيا البلوكتشين. في الحقيقة، الـ Web 3 يُمثل نوعًا ما فلسفة جديدة تهتم بتوزيع التكنولوجيا الحالية بشكل أكبر وبطريقة ديمقراطية أكثر.
حاليًا، هناك الكثير من أصحاب رؤوس الأموال والكثير من الشركات التي قررت إستثمار مليارات الدولارات في تكنولوجيا الـ Web3، ولكن مع ذلك هناك بعض خبراء التكنولوجيا الغير مقتنعين بفكرة أنه يُمكن للـ Web 3 التوسع على الصعيد العالمي بحيث وصفها بعض المشككين مثل الرئيس التنفيذي لشركة تسلا، السيد إيلون ماسك بـ ” الكلمة التسويقية الطنانة “. ومع ذلك، نود أن نشير إلى أن الكثير من الشكوك حول الـ Web3 تأتي من حقيقة أن التعبيرات الأولية بدائية إلى حد ما. وبينما يناقش الخبراء ما إذا كان هذا الإصدار الجديد من الويب سيتحول إلى حقيقة أم لا، إليك بعض المبادئ الأساسية وراء مفهوم Web3 من موقع عرب ماج.
ما هو الفرق بين الويب 3 ( Web 3.0 ) والويب الذي نستخدمه اليوم؟
لفهم الويب ثري بشكل أفضل وما يُميزه عن الويب الذي نستخدمه اليوم، عليك العودة إلى الأيام الأولى للإنترنت، وهو ما يشير إليه الخبراء الآن بإسم الـ Web 1.0.
كان معظم مستخدمي الإنترنت في أيام الويب وان بوانت أُوْ ( Web 1.0 ) من مستهلكي المحتوى الذين إِقْتَصَرُوْا على التصفح والتنقل بين صفحات الويب الثابتة لأن المطورين آنذاك كانوا يقتصرون على إستخدام لغة HTML فقط مما نتج عن ذلك إنشاء صفحات ويب بسيطة جدًا وغير تفاعلية.
كانت هذه نسخة لامركزية أكثر من الويب، مما يعني أن أي شخص يعرف كيفية البرمجة سيكون بإمكانه إنشاء محتوى الويب الخاص به على حاسوبه الشخصي، ولكن في ذلك الوقت لم يكن هناك سوى عدد قليل من المستخدمين الذين يمتلكون المهارات التقنية اللازمة لإنشاء المحتوى ونشره.
بعد ذلك بفترة، ظهر الويب 2.0، وهو الإصدار الذي نستخدمه الآن من شبكة الإنترنت. تقنيات الويب الحديثة مثل JavaScript و HTML 5 و PHP جعلت الإنترنت أكثر تفاعلية مما سمح للشركات التقنية بإنشاء منصات مثل Facebook و Google و Amazon وغيرها من المنصات الأخرى مما سمح للجميع لأول مرة على الإطلاق نشر المحتوى الخاص به عبر الإنترنت حتى لو لم يكن مُبرمجًا، ولكن ينبغي الأخذ بعين الإعتبار أن الشركات التي تملك هذه المنصات تملك وتدير البيانات التي قامت بجمعها من مستخدميها، وهي غالبًا تتبع هذه البيانات وتحفظها لإستخدامها في الإعلانات المستهدفة. وبالتالي، هذا يجعل بيانات المستخدمين هي جوهر نموذج عمل هذه الشركات، ولكن من الواضح أنه يُمكن إساءة إستخدام هذه البيانات في أي وقت.
حسنًا، لمنع ذلك، تم إبتكار الـ Web 3.0 مع العلم بأنه تم صياغة هذا المصطلح لأول مرة من قبل Gavin Wood، وهو أحد مُطوري الإيثريوم. وفي تدوينة نشرها في العام 2014، تصور Gavin Wood الويب ثري كنسخة مفتوحة ولامركزية من الإنترنت.
ما هي الأشياء التي تقدمها لنا هذه التقنية؟
من الناحية النظرية، سيكون المستخدمين في الـ Web3 قادرين على تبادل الأموال والمعلومات على الويب دون الحاجة إلى وسيط مثل بنك أو شركة تقنية. في هذه الرؤية لعالم الـ Web3، سيكون لدى الناس سيطرة أكبر على بياناتهم وسيكونون قادرين على بيعها إذا كانوا يرغبون في ذلك، وسيتم توزيعها وإدارتها كلها على تكنولوجيا البلوكتشين اللامركزية. وعلى الرغم من أن هذه التقنية لا تزال تُعتبر جديدة نسبيًا وغير مجربة كثيرًا إلا أنه يمكن أن توفر مزيدًا من الشفافية والإستقلالية للمستخدمين لأن الحواسيب التي تقوم فعلاً بالحوسبة نيابة عنك أو تُخزن تلك البيانات يُمكن أن يملكها أي شخص كما يُمكن لأي شخص أن يصبح جزءًا من شبكة البلوكتشين تلك. وبالتالي، فإن الحواسيب الخاصة بالفيسبوك وجوجل ليست هي من تقوم بذلك.
لتوضيح الأمور أكثر، بإستخدام حساب خاص، سيتمكن المستخدمون نظريًا من الإنتقال بسلاسة من وسائل التواصل الإجتماعي إلى البريد الإلكتروني أو التسوق وإنشاء سجل عام لكل هذا النشاط على البلوكتشين، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه حاليًا هو كيف سيظل الـ Web3 قيد العمل إذا لم يتم التحكم فيه من قبل شركة أو كيان مركزي؟
حسنًا، من الناحية النظرية، سيتم منح الأشخاص التوكنز ( Tokens ) أو عملات رقمية لتحفيزهم على المشاركة في تشغيل الـ Web3، ويُطلق على العنصر الأساسي في هذا النظام إسم ديفاي ( DEFI ) وهو ما يعني نظام التمويل اللامركزي. ومع ذلك، لا يزال من غير الواضح كيف سيتم تنظيم نظام العملات الرقمية اللامركزي هذا، وكيف يمكن أن يعمل على نطاق واسع أو حتى كيف سيُوزع التحكم في الإنترنت على نحو جيد؟
هل هناك مُنتقدين لتقنية الويب 3؟
بالفعل، مُنتقدو الفكرة، مثل مؤسس شبكة تويتر، السيد جاك دورسي وصف الـ Web3 بأنها ” كيان مركزي بعلامة مختلفة “، ويعتقد العديد من المطورون الذين تعمقوا في هذا الموضوع أيضًا أن بِنْيَة البلوكتشين الأساسية للـ Web3 غير آمنة للغاية، ولا تُعتبر لامركزية كما هو موعود، وإنما هي مركزية كما هو الحال مع جميع التقنيات الحالية.
ومع ذلك، يرى الآخرون أن الـ Web3 تُعتبر لبنة أساسية في مشروع إنشاء الميتافيرس، وهو العالم الإفتراضي الغامر حيث يمكن للناس إستخدام نسخ إفتراضية منهم للتواصل الإجتماعي والتسوق والعمل واللعب، ولكن هناك آخرون يقولون أن الـ Web3 والـ Metaverse مفهومان مختلفان تمامًا.
أين وصلت تقنية الويب ثري الآن؟
عمومًا، في الوقت الراهن، لا يزال الـ Web3 مفهومًا مجردًا إلى حد كبير مع القليل من الأساس في العالم الفعلي. يُجادل المشككون مثل المُدون ومهندس البرمجيات الشهير Stephen Diehl بأن الـ Web3 ليس لديه قوة الحوسبة أو سرعة نقل البيانات أو مساحات التخزين اللازمة للعمل على مستوى عالي. وبالتالي، فهؤلاء المشككون في الـ Web3 يرون أن الـ Tokens والعملات الرقمية بشكل عام ليست سوى فقاعة عملاقة، وأنه بمجرد إنفجارها من وجهة نظرهم، فإن كل هذا الهراء حول كيفية بناء الإصدار التالي من الإنترنت سيختفي.
بينما يبقى أن نرى ما إذا كان مفهوم الـ Web3 سيتحول إلى حقيقة أم لا، فإن الفلسفة الكامنة وراءه نجحت بالفعل في إثارة إهتمام العديد من المستثمرين الذين قرروا تمويل منظومة واسعة من خدمات الإنترنت اللامركزية، والعديد من الشركات الناشئة التي تعمل في هذا الميدان. وبالتالي، فحتى لو كان الكثير من الأشخاص يرون الـ Web3 كمفهوم غير قابل للتطبيق، فسوف نسمع المزيد عن هذا المفهوم لفترة طويلة في المستقبل.