تحتدم حدة المواجهة بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين في قطاع التكنولوجيا، وتحديدًا في مجال صناعة الرقائق الإلكترونية. وتأتي تصريحات بيتر وينينك، الرئيس التنفيذي السابق لشركة ASML الهولندية، الرائدة في صناعة معدات إنتاج الرقائق الإلكترونية، لتسلط الضوء على أبعاد هذه الأزمة المتصاعدة.
يرى وينينك أن جذور هذا الصراع تكمن في إختلافات أيديولوجية وليس في إعتبارات عملية بحتة، ويعتبر أن الولايات المتحدة تمارس ضغوطًا غير مبررة على شركته بسبب هذه الإختلافات. وعلى الرغم من أن القيود التجارية المفروضة من قبل الولايات المتحدة أضرت بالعلاقة التجارية بين ASML والصين، إلا أن الشركة حققت نموًا ملحوظًا في العام 2023، حيث بلغت مبيعاتها الصافية 27.6 مليار يورو.
وأمضى وينينك وقتًا طويلاً في الضغط ضد القيود المفرطة على التصدير، ساعيًا لتحقيق توازن يحمي مصالح جميع الأطراف المعنية. ويتخوف الرئيس التنفيذي السابق من إستمرار النزاع بين الولايات المتحدة والصين لعقود قبل التوصل إلى أي حل، مشيرًا إلى أوجه تشابه مع الوضع في الثمانينيات عندما فرضت الولايات المتحدة قيودًا تجارية على صناعة الذواكر العشوائية DRAM اليابانية.

من جانبه، يبدي كريستوف فوكيه، الرئيس التنفيذي الجديد لشركة ASML، ثقته في عدم قدرة الصين على إستنساخ تقنية EUV المتقدمة التي تنتجها الشركة بشكل حصري. وعلى الرغم من التوترات المستمرة، يؤكد فوكيه على أهمية التعاون، مشيرًا إلى أن إنتاج الرقائق في الصين ضروري لتلبية الطلب العالمي المتزايد على أشباه الموصلات.
وتشهد الساحة الألمانية أيضًا مقاومة من قبل الشركات، وخاصة الشركات المصنعة للسيارات، للمطالب الأمريكية بقطع العلاقات مع الصين. ويعود هذا الموقف إلى التكامل العميق بين قطاع صناعات السيارات وقطاع أشباه الموصلات في ألمانيا، مما يسلط الضوء على تعقيد فك الارتباط عن سلاسل التوريد الصينية.
وتكشف الأبحاث من جامعة ساسكس أن المصنعين الألمان يقاومون الضغوط الأمريكية بسبب تضررهم غير المباشر بسبب هذه الحرب الأمريكية الصينية، وخصوصًا الشركات المصنعة للسيارات التي تعتمد بشدة على الرقائق الإلكترونية الصينية في عملياتها. ويوضح هذا الوضع العلاقة المعقدة بين القطاعات المختلفة والتحديات التي تواجهها في التعامل مع ” حروب الرقائق الإلكترونية ” المستمرة.
وفي الختام، تبقى هذه الأزمة مرآة عاكسة لتشابك المصالح الاقتصادية والأبعاد السياسية في عالم التكنولوجيا المعاصر، مما يستدعي مقاربات أكثر حكمة وتوازنًا لضمان إستدامة هذا القطاع الحيوي للاقتصاد العالمي.