في السنوات الأخيرة، كانت شركة أبل تتحدث بصوت عالٍ عن جهودها البيئية وإستدامتها. مع اقتراب الموعد النهائي الذي ستصبح فيه محايدة للكربون المتمثل في العام 2030، خصصت الشركة جزءًا من مؤتمراتها الصحفية لمشاركة التقدم الذي أحرزته والتحديثات ذات الصلة بهذا الموضوع. ومع ذلك، يسلط تقرير جديد الضوء على بعض الإجراءات الأقل شهرة والتي تتناقض مع ما يدعيه عمالقة التكنولوجيا علنًا.
الممارسات التي تواجه بها المستهلكين
بالنسبة للعملاء المطمئنين، يبدو أن شركة أبل تهتم بشدة بكوكبنا. بعد كل شيء، توقفت الشركة الأمريكية عن تضمين الشواحن في علب هواتف الأيفون الجديدة وقلصت حجم العبوة بشكل ملحوظ. وعلاوة على ذلك، توقفت عن إنتاج الملحقات المصنوعة من الجلد وإستبدالها بالملحقات التي تستخدم FineWven الأكثر صداقة للبيئة ( والذي يتدهور بمعدل أسرع بكثير بالمناسبة ). ناهيك عن تركيزها على إستخدام مصادر الطاقة النظيفة في مختلف عملياتها للحد من التلوث الذي تسببه.
وتفاخرت الشركة أيضًا بالروبوتات الخاصة بها، ونقصد هنا كل من Liam و Daisy، والتي تم تصميمها لتفكيك أجهزة iPhone المستعملة. ومن خلالها، تستطيع شركة أبل إستعادة بعض المكونات المفيدة، وإعادة تدويرها، وبالتالي تقليل النفايات الإلكترونية التي تنتجها.
من بعيد، يبدو كل هذا مسؤولاً وصديقًا للبيئة، ولكن ماذا لو أردنا أن نلقي نظرة فاحصة؟
خلف قناع أبل المغسول باللون الأخضر
وفقًا لوكالة الأنباء بلومبرج، فإن Liam وخليفته Daisy لا يمكن الاعتماد عليهما تمامًا في إنجاز عملهما بكفاءة. قد يتعطل الروبوت السابق إذا تآكلت مسامير iPhone. وعلاوة على ذلك، بدون مساعدة بشرية، لن يعمل Liam لأكثر من عشر دقائق.
وفي الوقت نفسه، يُعد Daisy نسخة أكثر كفاءة، ولكنه لا يزال قادرًا على تفكيك حوالي 200 وحدة فقط في الساعة. وهذا يعني ما يقرب من 1.2 مليون جهاز iPhone معاد تدويره سنويًا، والتي تبيعها أبل كل 48 ساعة.
إذن، ماذا يحدث لبقية أجهزة iPhone المستخدمة؟ حسنًا، الإجابة البسيطة على ذلك هي أنه يتم تمزيقها.
عندما لا يفي منتج مستعمل بمعايير أبل العالية لتجديده وإعادة بيعه، يتم تمزيقه من قبل شركة تعاقدت معها أبل لهذا الغرض. يتم بعد ذلك إستخراج المعادن الثمينة منها ودمجها في أجهزة جديدة. ومع ذلك، فإن التقطيع يهدر مكونات أكثر من الطريقة التي تنطوي على إستخدام الروبوت Daisy.
إحدى المشكلات الرئيسية المرتبطة بالتقطيع أو بالأحرى التمزيق هي أن العديد من الأجهزة المُرسلة تعمل ويمكن إعادة إستخدامها بسهولة. وبحسب ما ورد، فإن أولئك الذين قاموا بتمزيقها وجدوا صعوبة في القيام بذلك في بعض الأحيان، فلم تكن تلك الأجهزة متضررة جدًا دائمًا. وعلى الرغم من ذلك، كان عليهم تفكيكها للوفاء بالالتزامات التعاقدية.
في غضون عامين فقط، قامت شركة أبل بشحن أكثر من 530 ألف جهاز iPhone، وأكثر من 25 ألف جهاز iPad، وأكثر من 19 ألف ساعة Apple Watch لشركة GEEP المتخصصة في تمزيق الأجهزة ليتم تحطيمها وتمزيقها. إذا كانت شركة آبل مهتمة حقًا بالبيئة، لكانت قد أعادت إستخدام الأجهزة الإلكترونية التي لا تزال صالحة للإستخدام بدلاً من تدميرها بشكل جماعي. هناك مجال لتقديم مستوى إضافي من المنتجات ” المُجددة ” ذات الجودة المنخفضة نسبيًا، والتي يمكن أن تُوفر منزلاً ثانيًا لأجهزة iPhone الأقل من المثالية بسعر أرخص.
ميزة Activation Lock الجديدة تضاعف الإنبعاثات الكربونية
وفقًا للتقرير نفسه، إدعت شركة أبل أنه تم سرقة حوالي 100 ألف عنصر تم إرساله لشركة GEEP من أجل التمزيق. وإكتشفت الشركة فيما بعد أن عددًا من هواتف الـ iPhone التي تم الإبلاغ عن تعرضها للسرقة يتم بالفعل إستخدامها في الصين، حيث يقوم الموظفون بتهريبها خارج منشأة التقطيع وبيعها في مكان آخر كهواتف مستعملة أو قطع غيار.
ومع ذلك، فإن هذه العملية على وشك أن تصبح أكثر تعقيدًا، فميزة Activation Lock أصبحت تُطبق على قطع الغيار أيضًا.
بالنسبة لأولئك الذين لم يسمعوا عن ذلك من قبل، تعمل ميزة Activation Lock على تعطيل هواتف iPhone المفقودة أو المسروقة، مما يجعلها عديمة الفائدة بخلاف إستخراج قطع الغيار الخاصة بها. ومع توسع هذه الميزة لتشمل المكونات الداخلية لـ iPhone، فإن الأجهزة التي تم الحصول عليها من خلال القنوات غير الرسمية ستكون أيضًا عديمة الفائدة كقطع غيار.
في حين أن تطبيق Activation Lock على قطع الغيار أيضًا سيجعل هواتف iPhone أقل جاذبية للصوص، إلا أنه سيزيد بالتأكيد من النفايات الإلكترونية. في نهاية المطاف، ستستمر ظاهرة سرقة هواتف iPhone أو فقدانها على أي حال، ولن يتمكن أحد من إستخدامها بشكل مفيد.
لكي نكون واضحين، نحن لا ندافع عن اللصوص بأي شكل من الأشكال هنا. ومع ذلك، فقد أصبح من الواضح أن شركة آبل تهدر الموارد عن عمد من خلال إخضاع الأجهزة الوظيفية للتقطيع. إذا تمكن المهربون من منح هذه الأجهزة شريان حياة جديد، فمن المؤكد أن الشركة التي تبلغ قيمتها تريليون دولار يمكنها إبتكار إجراء مناسب يوفر بالمثل أجهزة iPhone قابلة لإعادة الإستخدام. لكن هذا لن يكون منطقيًا من الناحية التجارية، لذلك نحن هنا، ولهذا السبب قررنا تسليط الضوء على هذا النفاق البيئي للشركة.