عندما نفكر في الشركات المصنعة للسيارات، تتبادر إلى أذهاننا صورة السيارات الجديدة اللامعة وخطوط التجميع الواسعة. ومع ذلك، هناك اتجاه جديد يجتاح عالم السيارات، وتحديداً في الصين، وهو دخول الشركات المصنعة للسيارات إلى مجال الهواتف الذكية.
فاجأت شركة Nio الكثيرين بالإعلان عن أول هاتف ذكي لها في الشهر الماضي، والذي يُكلف إبتداءً من 829 يورو. هذا الهاتف ينتمي إلى فئة الهواتف الراقية، وهو ليس مجرد هاتف ذكر آخر على حد قول شركة Nio، فهي ذكرت أن هذا الهاتف يوفر إرتباطًا شاملاً بين الهاتف والسيارات الكهربائية للشركة. وبالفعل، هذا الهاتف يُعتبر كمفتاح سيارة ذكي يتيح لك التحكم عن بعد في السيارة، ويوفر لك مجموعة رائعة تضم أكثر من 30 ميزة.
وحتى لا يتفوق عليها أحد، لمحت شركة Polestar، الشركة السويدية المتخصصة أيضًا في صناعة السيارات الكهربائية، إلى نيتها إطلاق هاتف ذكي رائد في الصين في شهر ديسمبر المقبل. ويبدو أن نهجها أكثر توسعية. وبينما تركز Nio على منتج واحد، فشركة Polestar تعتزم وضع بصمتها على مجموعة أوسع من الأجهزة الإلكترونية الاستهلاكية، بما في ذلك الساعات الذكية. وتتوافق هذه الإستراتيجية العدوانية مع رؤيتها الطموحة التي تهدف لترسيخ نفسها كعلامة تجارية تكنولوجية أنيقة في عقول المستهلكين.
ألقت شركة Canalys المتخصصة في بحوث السوق بعض الضوء على هذا التحول غير المتوقع للأحداث في مذكرة بحثية حديثة بعدما طرحت على نفسها سؤالا ممتازًا لطالما طرحناه نحن على أنفسنا، وهو لماذا أصبحت الشركات المصنعة للسيارات مهتمة فجأة بتصنيع الهواتف الذكية؟ حسنًا، الإجابة هي خلق منظومة شاملة. من خلال تصنيع الهواتف الذكية التي تعمل بتوافق تام مع أنظمة قمرة القيادة الذكية، يمكن للشركات المصنعة للسيارات هذه تطوير المنظومات الخاصة بها وتوفير تجارب مستخدم لا مثيل لها.
ولكن هناك المزيد لهذه القصة. مع التقدم في مجال القيادة المساعدة والعادات المتطورة للسائقين، ظهرت الهواتف الذكية كأدوات أساسية. تتيح هذه الأجهزة للشركات المصنعة للسيارات متابعة إحتياجات السائق المتغيرة. وكما يقول المثل، المعرفة هي القوة. وفي هذا السياق، فإن الفهم هو مفتاح الابتكار.
الإحصائيات تدعم هذا الأمر، فقد أوضحت شركة Canalys في تقريرها الأخير أنه بحلول العام 2024، من المتوقع أن تتواجد أنظمة القيادة المساعدة التي تنتمي إلى المستوى الثاني أو أكثر على 4.7% من السيارات التي تسير في الطرقات الصينية لأن إدخال الأجهزة التي نتفاعل معها بإستمرار مثل الهواتف الذكية إلى منظومة السيارات الكهربائية يزود الشركات المصنعة للسيارات بفهم أعمق للضروريات المعقدة للسائقين.
يمكن أن يؤدي التكامل العميق بين الهاتف الذكي والسيارات إلى خفض الشركات المصنعة للسيارات لنفقاتها بشكل كبير. فكر في الأمر: لماذا تنفق مبالغ ضخمة على البحث والتطوير وإطلاق ميزات جديدة على مستوى السيارات عندما يمكنك تحقيق تجربة مستخدم مماثلة بجزء بسيط من التكلفة عبر الهواتف الذكية؟
ومع ذلك، كما هو الحال مع كل شيء، فإن الدليل على وجود الحلوى يكمن في تناولها. تقترح شركة Canalys أن الأمر يتلخص في الاستخدام. إذا كانت هذه الهواتف الذكية تقدم وظائف موازية للأجهزة الشائعة وتتوافق مع جوهر العلامة التجارية، فهي تسير على المسار الصحيح. يُعد تحسين تجربة المستخدم، وتوفير عناصر تحكم بديهية، ودمج الهاتف الذكي في قمرة القيادة أمرًا بالغ الأهمية. ولتحقيق هذه الغاية، قد تفوز الشركات المصنعة للسيارات بالجائزة الكبرى، فهي ستكسب تقييمات رائعة لكل من سياراتها وهواتفها، وبالتالي توسيع نطاق انتشار علامتها التجارية.
وتلخص شركة كاناليس الأمر بشكل مثالي: إذا إزدهرت تجربة إنتاج الهواتف الذكية من قبل الشركات المصنعة للسيارات في الصين، فقد نكون على وشك أن نشهد اعتماداً عالمياً لهذا النهج.