في مساء يوم الجمعة، أفادت صحيفة ” وول ستريت جورنال ” أن شركة إنتل ( Intel ) تلقت عرضًا من شركة كوالكوم ( Qualcomm ) الرائدة في مجال تصميم الرقائق الإلكترونية بشأن إحتمالية الاستحواذ عليها. وعلى الرغم من أن الصفقة وُصفت بأنها ” بعيدة عن التأكيد “، وفقًا لمصادر مجهولة في الصحيفة، فإنها تمثل سقوطًا كبيرًا لشركة كانت تعتبر الأكثر قيمة في مجال صناعة الرقائق الإلكترونية في العالم، حيث كانت تعتمد بشكل كبير على تقنية x86 التي تفوقت على معالجات ARM الخاصة بكوالكوم لفترات طويلة خارج نطاق الهواتف المحمولة.
ستكون هذه الصفقة أيضًا إنجازًا ضخمًا لشركة كوالكوم، التي عادت إلى سوق معالجات الحواسيب المكتبية هذا العام كجزء من إستراتيجية مايكروسوفت المتعلقة بالحواسيب المدعومة بالذكاء الاصطناعي، بعد سنوات من الهيمنة على سوق معالجات الهواتف المحمولة.
من جهة أخرى، تمر شركة إنتل بأسوأ وضع لها منذ سنوات. على الرغم من أن العديد من أنشطتها ما زالت مُربحة، إلا أن الشركة أعلنت عن تخفيضات كبيرة، وتغييرات في إستراتيجيتها، وتقليص قوتها العاملة بأكثر من 15% في أغسطس الماضي بعد الإعلان عن خسائر بلغت 1.6 مليار دولار.
في ذلك الوقت، أعلن الرئيس التنفيذي لشركة إنتل، بات غيلسنجر، أن الشركة ستوقف جميع الأعمال غير الضرورية، كما أعلنت مؤخرًا عن فصل قسم تصنيع الرقائق الإلكترونية الخاص بها، والذي كان يُعتبر لفترة طويلة أحد نقاط القوة مقارنة بمنافسيها مثل AMD والشركات التي تعتمد على شركات مثل TSMC التايوانية لتصنيع رقائقها الإلكترونية.
في الواقع، إضطرت إنتل مؤخرًا إلى الاعتماد جزئيًا على TSMC لتصنيع بعض المعالجات المتقدمة الخاصة بها في الوقت الذي تسعى فيه إلى إعادة بناء قدراتها التصنيعية ( التي كانت سببًا رئيسيًا في خسائرها الأخيرة ). وقد واجهت عمليات التصنيع الخاصة بها مؤخرًا بعض التحديات، لا سيما في عملية التصنيع 18A.
على الرغم من أن منافستها الرئيسية، AMD، قد مرت بظروف صعبة على مر السنين ونجحت في إستعادة مكانتها تدريجيًا، إلا أن دعم اللاعبين الإلكترونيين كان عاملاً كبيرًا في نجاح AMD. بإستثناء جهاز Nintendo Switch الذي تشرف Nvidia على تصنيع المعالج المستخدم فيه، فإن جميع أجهزة الألعاب الرائدة التي تم إطلاقها خلال العقد الماضي كانت تعتمد على معالجات AMD، وهو ما يعد فرصة ضائعة لإنتل التي فشلت في الفوز بعقد تصنيع المعالج الخاص بجهاز PlayStation 6 المستقبلي.
كما فقدت إنتل بعض ثقة مستخدمي الحواسيب الشخصية بعد أن تعرض جيلين متتالين من معالجاتها الرئيسية لمشاكل غريبة تتسبب في حدوث أعطال، على الرغم من أن الشركة وافقت مؤخرًا على تمديد ضمانات هذه المعالجات لعدة سنوات وأصدرت تحديثات لحل المشكلة ومنع تلك تلك المعالجات.
العديد من مشاكل إنتل تتعلق بالريادة في تكنولوجيا السيليكون، وليس فقط التصنيع أو الأرباح، فالشركة ليست لاعبًا كبيرًا في سوق معالجات السيرفرات المدعومة بالذكاء الاصطناعي الذي تهيمن عليه شركة Nvidia، وليست حتى لاعبًا صغيرًا كما هو الحال مع AMD. حتى محاولاتها لإنتاج وحدات معالجة الرسومات (GPUs) الخاصة بها لم تحقق بعد النجاح المرجو.
وفي حين أن كوالكوم و AMD وآبل لا تزال تعتبر لاعبين صغار في سوق الحواسيب المحمولة، فقد أعادت إنتل مرتين النظر في كيفية تصنيع معالجاتها الرئيسية للحواسيب المحمولة لمواجهة التهديد المتزايد من منافسيها الذين يتمتعون بمزايا محترمة جدًا على مستوى عمر البطارية والرسوميات المدمجة. الجميع الآن بإنتظار معرفة ما إذا كانت معالجات “Lunar Lake ” الجديدة ستنجح عند إطلاقها في أكتوبر وما بعده.
الملخص
تلقت شركة إنتل عرضًا من شركة كوالكوم للاستحواذ عليها، في خطوة مفاجئة تعكس التحولات الكبرى في مجال صناعة الرقائق الإلكترونية. تعتبر الصفقة غير مؤكدة بعد، لكنها تُظهر تراجع إنتل التي كانت تهيمن لسنوات طويلة على سوق المعالجات بتقنية x86، بينما تسعى كوالكوم لتعزيز موقعها في سوق معالجات الحواسيب المكتبية بالتعاون مع مايكروسوفت. إنتل تواجه تحديات مالية كبيرة بعد إعلانها عن خسائر بلغت 1.6 مليار دولار وتخفيضات في قوتها العاملة، فضلًا عن إعتمادها مؤخرًا على شركات أخرى مثل TSMC لتصنيع بعض المعالجات الخاصة بها بسبب الصعوبات التصنيعية التي واجهتها.
من ناحية أخرى، حققت AMD نجاحًا ملحوظًا في قطاع الألعاب وسيرفرات الذكاء الاصطناعي، وهي المجالات التي فشلت فيها إنتل حتى الآن. وعلى الرغم من ذلك، تعول إنتل على إطلاق معالجات ” Lunar Lake ” الجديدة في أكتوبر لإستعادة ثقة المستخدمين بعد ظهور عدة مشاكل في الأجيال السابقة من معالجاتها. هذا بينما يستمر تراجع إنتل في أسواق الحوسبة المتقدمة التي تهيمن عليها Nvidia و AMD، ما يجعل المستقبل غامضًا للشركة في ظل تزايد المنافسة.