تعتزم شركة فولكسفاغن، وفقًا للتقارير، إتخاذ سلسلة من الإجراءات الجذرية لتقليل التكاليف، بما في ذلك تسريح عشرات الآلاف من الموظفين، وخفض الرواتب بنسبة لا تقل عن 10% لتجنب إغلاق ما يصل إلى ثلاثة مصانع في ألمانيا.
تأتي هذه الأخبار كصدمة للقوى العاملة في فولكسفاغن، التي نظمت مؤخرًا إحتجاجًا في مقر الشركة في فولفسبورغ. وقد عبر الموظفون عن قلقهم بشأن أرزاقهم وتأثير هذه الخطط المحتملة على المجتمعات المحلية.
وقال ستيفان إيرهاردت، أحد العاملين في أحد المصانع المتأثرة، ” هذه المسألة تتعلق برزقنا جميعًا في المستقبل، وتتعلق بالموردين. يتعلق الأمر بكل خباز صغير هنا في هذا الموقع. بصراحة، أشعر بشيء من الخوف “.
تندرج هذه التخفيضات المقترحة ضمن استراتيجية فولكسفاغن لمواجهة التحديات الاقتصادية الحالية. وتقول الشركة إن ارتفاع تكاليف الطاقة والعمل يشكل ضغطًا هائلًا على أرباحها. ورغم أن فولكسفاغن تحاول إلقاء اللوم على الهيمنة المتزايدة للشركات الصينية المصنعة للسيارات الكهربائية، إلا أن هذا الادعاء يمكن دحضه بسهولة، حيث تُظهر أبحاث المفوضية الأوروبية أن حصتها في السوق لا تتجاوز 14.1%.
وزاد الغضب بين الموظفين والنقابات بعد إعلان فولكسفاغن عن خطط لتجميد الأجور في عامي 2025 و 2026. وقد هددت نقابة ” آي جي ميتال “، وهي النقابة الصناعية القوية في ألمانيا، بتنظيم إضرابات إذا مضت الشركة قدمًا في هذه الإجراءات التي وصفتها بـ” الكارثية “.
تهدف هذه الإجراءات إلى تجنب إغلاق محتمل للمصانع، وهو ما سيكون حدثًا تاريخيًا بالنسبة لفولكسفاغن، حيث لم تغلق الشركة من قبل أي مصنع لها في موطنها ألمانيا. وعلى الرغم من عدم الكشف عن المواقع المستهدفة حتى الآن، فإن هذه الخطوة تعكس بوضوح خطورة الوضع.
تعكس معاناة فولكسفاغن اتجاهًا أوسع في صناعة السيارات الألمانية التي تواجه صعوبة في التكيف مع عصر السيارات الكهربائية. فقد أدت أسعار الطاقة المرتفعة وضعف الطلب في أوروبا والصين، بالإضافة إلى بطء تبني السيارات الكهربائية، إلى خلق عاصفة مثالية للشركات المحلية.
وتواجه الحكومة الألمانية، بقيادة المستشار أولاف شولتس، ضغوطًا للتدخل لحماية الوظائف في هذا القطاع الحيوي. ومع اقتراب الانتخابات الفيدرالية، تزداد الضغوط لإيجاد حلول تدعم النمو الاقتصادي وتحافظ على فرص العمل.
يمكننا القول إن المشكلة هي من صنع فولكسفاغن نفسها، ففي بداية عصر السيارات الكهربائية، قررت الشركة الدخول في سوق السيارات الفاخرة الكهربائية أولاً. كانت الفكرة بيع السيارات باهظة الثمن، ثم لاحقًا التوجه للسوق العام بمنتجات أقل تكلفة. كان هذا القرار خاطئًا، ويظهر انفصال مجلس إدارة فولكسفاغن عن الواقع.
في حين أن غالبية المستهلكين يُعجبون بسيارات بورشه وأودي باهظة الثمن، إلا أن فولكسفاغن كانت تهدف في الأصل إلى توفير سيارات بأسعار معقولة. إن ظهور السيارات الكهربائية الصينية ليس سببًا في معاناة فولكسفاغن، بل هو نتيجة لها. فالشركات الصينية رأت فجوة واضحة في السوق التي تجاهلتها فولكسفاغن بسبب كبريائها أو عدم قدرتها على الاستجابة. عكس هذا الاتجاه سيكون مؤلمًا إن كان ممكنًا من الأساس، وسيكون ثمن ذلك باهظًا على آلاف الموظفين عبر أوروبا، بينما سيجد أعضاء مجلس إدارة فولكسفاغن أنفسهم على الأرجح في مناصب مختلفة.