شهد نصف الكرة الشمالي هذا العام صيف هو الأشد حرارة على الإطلاق منذ العام 1940 على الأقل، متجاوزًا الرقم القياسي الذي تم تسجيله في الصيف الماضي، وذلك وفقًا لخدمة كوبرنيكوس لتغير المناخ التابعة للاتحاد الأوروبي.
وتشير درجات الحرارة المرتفعة حتى الآن إلى أن العام 2024 في طريقه ليصبح العام الأكثر حرارة منذ بدء تسجيل البيانات في العام 1850، مما قد يجعله يتفوق على العام 2023 في هذا التصنيف. وقد إرتفعت درجات الحرارة تدريجيًا منذ أن بدأت إنبعاثات الغازات الدفيئة الناتجة عن حرق الوقود الأحفوري في الزيادة مع الثورة الصناعية، وهو ما يُظهر اتجاهًا واضحًا في البيانات.
وقالت سامانثا بورغس، نائبة مدير خدمة كوبرنيكوس لتغير المناخ، في بيان لها اليوم : ” إن الأحداث المناخية المرتبطة بدرجات الحرارة التي شهدناها هذا الصيف ستصبح أكثر شدة، وستكون لها عواقب أكثر تدميرًا على الناس والكوكب ما لم نتخذ إجراءات عاجلة للحد من إنبعاثات الغازات الدفيئة “.
وقد تؤدي فصول الصيف الأكثر حرارة إلى العديد من النتائج السلبية. حيث أعرب الرياضيون الأولمبيون هذا العام عن قلقهم من تأثير الحرارة على أدائهم وصحتهم في باريس، مما دفع العديد من الفرق إلى توفير أجهزة تكييف خاصة بهم في القرية الأولمبية. وبعيدًا عن الألعاب الأولمبية، تؤدي الإرتفاعات في الطلب على الكهرباء لتشغيل أجهزة التكييف خلال موجات الحر إلى ارتفاع فواتير الكهرباء وزيادة الضغط على شبكة الطاقة، مما يسبب المزيد من الانقطاعات الكهربائية خلال فصل الصيف.
وعندما لا يتمكن الناس من تبريد أنفسهم، قد يؤدي الإجهاد الحراري إلى ضربة شمس، وحتى إلى الوفاة. فقد إرتفعت حالات الوفاة المرتبطة بالحرارة في الولايات المتحدة منذ العام 2016، وبلغت ذروتها مع 2325 حالة وفاة مسجلة في العام الماضي. وهذه مشكلة عالمية، ففي يونيو الماضي، لقي ما لا يقل عن 1300 شخص حتفهم خلال موسم الحج في مكة المكرمة حيث وصلت درجات الحرارة إلى 49 درجة مئوية.
ويستند التحليل الذي تجريه خدمة كوبرنيكوس إلى بيانات تعود فقط إلى العام 1940. لكن أبحاثًا حديثة أخرى إستخدمت علامات في حلقات الأشجار القديمة أظهرت أن صيف 2023 كان على الأرجح الأشد حرارة في نصف الكرة الشمالي منذ 2000 عام على الأقل.
وبالمقارنة مع السنوات الأخيرة، كان هذا الصيف حارًا بشكل ملحوظ. فقد كانت درجات الحرارة العالمية المتوسطة بين يونيو وأغسطس أعلى بمقدار 0.69 درجة مئوية عن المتوسط المسجل بين عامي 1991 و 2020. وكل جزء من درجة مئوية له تأثير كبير، حيث يمكن أن يؤدي تغير المناخ إلى حدوث تأثيرات أكثر وضوحًا على المستوى المحلي.
ويهدف إتفاق باريس المناخي لمنع درجات الحرارة العالمية من الارتفاع بأكثر من 1.5 درجة مئوية عن مستوياتها قبل الثورة الصناعية. وقد يكون لهذا تأثير كبير على الصحة، حيث يمكن أن يمنع ما بين 110 إلى 2720 حالة وفاة مرتبطة بالحرارة سنويًا في 15 مدينة أمريكية على الأقل، وفقًا لتقديرات الباحثين.