نجحت شركة جوجل ( Google ) في إبرام صفقة ضخمة لإلتقاط الملوثات المسببة للإحتباس الحراري مقابل 100 دولار فقط لكل طن من ثاني أكسيد الكربون (CO2)، وهو السعر الذي تتسابق الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا البيئية حول العالم لتحقيقه من أجل جعل تقنياتها قابلة للتطبيق تجاريًا.
أعلنت الشركة اليوم عن إتفاقيتها مع هولوسينس ( Holocene )، وهي شركة ناشئة حديثة العهد مقارنة بشركات أخرى في مجال إزالة الكربون. ورغم حداثة تاريخها، إستطاعت Holocene جذب داعمين كبار.
إذا نجحت Holocene في تنفيذ هذا المشروع، وهو سحب ثاني أكسيد الكربون من الهواء بسعر أقل بكثير من منافسيها الذين يتقاضون 600 دولار أو أكثر للطن الواحد، فقد تثبت أن تقنيات إزالة الكربون جاهزة للمساهمة في مكافحة تغير المناخ. لكن المشروع لا يزال في مراحله الأولية، وهناك الكثير على المحك في ظل الإرتفاع المتواصل لمستويات إنبعاثات الكربون من جوجل.
تقول أنكا تيموفتي، الشريكة المؤسسة والرئيسة التنفيذية لشركة Holocene : ” نعتقد أنها نبوءة تتحقق ذاتيًا. علينا جميعًا أن نؤمن بإمكانية تحقيقها وأن نعمل بجد لتحقيق ذلك. يجب على جوجل وشركاء آخرين أن يدعموا مشاريع كهذه “.
بدأت تيموفتي مشروعها خلال دراستها في كلية الأعمال بجامعة ستانفورد عندما إكتشفت أبحاثًا من مختبر ” أوك ريدج ” الوطني حول كيمياء جديدة لفلترة ثاني أكسيد الكربون من الهواء. وأصبح هذا هو الأساس للتكنولوجيا التي تستخدمها Holocene اليوم.
منذ انطلاقها في العام 2022، حصلت Holocene على دعم من وزارة الطاقة الأمريكية، وجائزة Xprize لإزالة الكربون التي يدعمها إيلون ماسك، بالإضافة إلى شركة ” Breakthrough Energy ” للاستثمار في المناخ التي أسسها بيل غيتس. كما أن تيموفتي وزميلها المؤسس سبق لهما العمل في شركة Climeworks، وهي واحدة من أوائل الشركات في مجال إزالة الكربون ولا تزال لاعبًا رئيسيًا في هذا المجال، ولديها عملاء من بينهم Microsoft و JPMorgan Chase.
حاليًا، تدير Climeworks أكبر مرافق إزالة الكربون في العالم، والمعروفة بمصانع إلتقاط الهواء المباشر (DAC). وفي يونيو، أعلنت أن الجيل القادم من هذه المصانع يمكنه خفض تكلفة إزالة الكربون إلى ما بين 250 و 350 دولارًا لكل طن بحلول العام 2030، وهو ما يزال أعلى بكثير من الهدف الذي حددته وزارة الطاقة، وهو 100 دولار لكل طن لجعل التقنية قابلة للتطبيق ماليًا. تم توسيع الائتمان الضريبي لإزالة الكربون تحت إدارة بايدن للمساعدة في الوصول إلى هذا الهدف، ولكن Holocene تدعي أن تقدمها في الجانب الكيميائي يساعد أيضًا في خفض التكلفة.
تقول Holocene إن تقنيتها أكثر كفاءة لأنها قادرة على تشغيل دورتين كيميائيتين مستمرتين: إحداهما تلتقط ثاني أكسيد الكربون من الهواء، والأخرى تنتج تيارًا نقيًا من ثاني أكسيد الكربون الملتقط ليتم تخزينه تحت الأرض. تتضمن العملية الأولى تمرير الهواء عبر ماء يحتوي على أحماض أمينية تجذب ثاني أكسيد الكربون. ثم يُضاف مركب الجوانيدين الذي يتفاعل مع ثاني أكسيد الكربون ليشكل بلورات صلبة. بعد ذلك، يتم تسخين البلورات لفصل ثاني أكسيد الكربون وإطلاقه في تيار مركز من الغاز.
في المقابل، تعتمد Climeworks على نظام يستخدم فلاتر صلبة لإلتقاط ثاني أكسيد الكربون من الهواء. وبعد إمتلاء الفلتر، يحتاج إلى التسخين لإطلاق الغاز، ومن ثم يمكنه إعادة تحميل المزيد من ثاني أكسيد الكربون. بعبارة أخرى، تحتاج العملية إلى التوقف عن التحميل لبدء التفريغ، بينما تعمل Holocene على تشغيل كلا العمليتين بشكل متزامن.
في الوقت الحالي، تمتلك Holocene مصنعًا تجريبيًا صغيرًا في نوكسفيل بولاية تينيسي، قادرًا على سحب 10 أطنان من ثاني أكسيد الكربون سنويًا. وبموجب الصفقة مع جوجل، تلتزم الشركة بإزالة 100 ألف طن من الكربون بحلول العام 2032. دفعت جوجل جزءًا كبيرًا من إجمالي 10 ملايين دولار مقدماً لدعم تنفيذ خطط Holocene. تتمثل الخطوة التالية للشركة في بناء مصنع تجريبي أخر قادر على التقاط 5000 طن سنويًا، يليه مصنع تجاري يمكنه إزالة 500 ألف طن.
يحتاج قطاع إلتقاط الهواء المباشر وتنظيفه من الملوثات إلى توسع كبير إذا كان العالم يأمل في تقليل التلوث الكربوني المتراكم في الغلاف الجوي. حتى الآن، تم تكليف حوالي 27 مصنعًا فقط حول العالم بقدرة إجمالية لا تتجاوز 10 آلاف طن سنويًا.
إلتزام جوجل بإزالة 100 ألف طن يعادل تقريبًا إيقاف 20 ألف سيارة تعمل بالوقود لمدة عام. ومع ذلك، يظل هذا جزءًا صغيرًا من إجمالي 14.3 مليون طن من إنبعاثات الكربون التي أنتجتها جوجل العام الماضي. وقد إزدادت الانبعاثات مع محاولات الشركة التفوق على منافسيها من خلال أدوات الذكاء الاصطناعي التي تطورها والتي تستهلك مقدارًا هائلاً من الطاقة.
هذا يجعل من الضروري على الشركات مثل Google أن تعطي الأولوية لتقليل انبعاثاتها بدلاً من الاعتماد فقط على إلتقاطها. إزالة الكربون ليس الحل الشامل لتحسين مناخ الكوكب. الأهداف المناخية الأمريكية و العالمية تتطلب تقليص الانبعاثات الكربونية إلى النصف بحلول العام 2030، وهو موعد يسبق الجدول الزمني الذي حدّدته Holocene لتحقيق إلتزاماتها تجاه جوجل.